نبيه سرحان.. من «جندي مصري» إلى «مذيع إسرائيلي»
نبيه سرحان، شاعر وصحفي ومذيع بإذاعة «الشرق الأوسط» المصرية، شارك في حرب 67، ولأزمة مالية قرر المغادرة إلى ليبيا مع زوجته نبوية إبراهيم موسى، التى تزوجها قبل الحرب بعام، وبعدها انتقلا إلى اليونان، وهناك طلب اللجوء لإسرائيل، ليذهب هناك بعد ذلك ويطلق على نفسه اسم «يوسف سمير»، وأصبحت زوجته تدعي «ليلي موسى».
من داخل إسرائيل وبلهجة ريفية قدم «سمير» برنامج «ابن الريف» في إذاعة إسرائيل، وكان البرنامج موجها إلى المصريين، وكان دائما ما يبدؤه بجملة شهيرة «يا أولاد مصر الطيبين».
في إسرائيل أقام مع زوجته المصرية وأولاده الستة ثم تزوج بعد ذلك أخرى فلسطينية، وعاش واحدا من اليهود هناك، حتى أن ابنته «حياة»، التي تعمل مطربة شهيرة هناك لم تكتشف أنها مصرية إلا عندما بلغت 14 عاما، وذلك خلال حديث لها سابق لإحدى الصحف العربية.
في حوار صحفي سابق مع زوجته «ليلى» حول لقاء زوجها مع الرئيس السادات، قالت «عندما جاء الرئيس الراحل السادات في زيارته التاريخية للقدس، ذهب زوجي إلى مطار بن جوريون كمذيع في الإذاعة الإسرائيلية، فقال له الرئيس الراحل السادات «أين اختفيت، كنا نعتقد أنك في ليبيا، أنت سبقتني لإسرائيل».
وطلب سمير منه الإذن لزيارة مصر فوافق السادات، وسافرت وأولادها لمصر لمدة أسبوعين بينما رفض زوجها.
قصة الهروب
تحكي زوجته في حوار سابق، أنه عندما وقعت حرب 1967 كان متزوجة منه منذ أسبوعين، وتركها وذهب كمتطوع في الجيش المصري، وكانوا يقطنون بحي روض الفرج في منزل خاله، وبعد النكسة لم يعد زوجها، واعتقدت بأنه استشهد في الحرب، وبعد تسعة أشهر عاد، وقال إنه اعتقل في سجن أبو زعبل بمصر.
وأشارت إلى أن سبب اعتقاله أنه تحدث بمذيع من الإذاعة، مطالبا بكف إذاعة بيانات غير صحيحة، ليسجنه القائد عندما سمعه، وأضافت أن عقب عودته وجد خاله باع أثاث المنزل واستولى عليه وطردهم.
وروت أنه بحث عن عمل، دون جدوى، حتى وافقت مطبعة على طباعة ديوان شعر له ولكن الأمن المصري صادر الديوان، وهنا قرر أن يخرج من مصر، وتحديدا إلى ليبيا، وكان ذلك في أوائل العام 1968، لكن تم منعم من السفر.
وقالت إنه ذهب لمكتب شعراوي جمعة، وزير الداخلية آنذلك، وقال له «اتركوني وشأني، إنني لا أملك أي شيء»، ليوافق جمعة على سفره بعد أن وقع تعهدا بأن لا يهاجم مصر في الخارج.
وسافر بالفعل هو وزوجته إلى ليبيا، وهناك قابل الملك السنوسي، الذي وافق على العمل في صحيفة «العلم» الليبية، مشترطا عدم الكتابة في السياسة، لكنه كتب مقالا هاجم فيه مصر لتحتج مصر وخلال 24 ساعة تم طردهم من ليبيا، ولم تقبل دخوله أي دولة أوروبية، حتي سمحت اليونان لهم بذلك.
وهناك تقابل سرحان مع دبلوماسي كوبي يعمل في السفارة الكوبية في مصر، الذي اقترح عليه التوجه لدولة عدوة لمصر لتقبله كلاجئ، وفي الصباح قرر الذهاب لسفارة إسرائيل، وهناك وضع على جهاز كشف الكذب.
300 دولار هو أول مبلغ تقاضاه من القنصل الإسرائيلي في أثينا لتغطية نفاقاتهم، وبعد شهور وافقت تل أبيب على استضافتهم، وهناك طلبوا منهم أن يعرفوا على أنفسنا في المجتمع الإسرائيلي بأنهم يهود من أصل ليبي، مهاجرون لإسرائيل.
الاختطاف يعيده للأضواء
عادت قصة المصري الهارب للظهور عندما اعتقل من قبل قوات الأمن الفلسطينية، وقام وقتها الوزير الإسرائيلي السابق، يوسي بيلين، بزيارة الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، وطالبه بعودة «سمير»، إلا أنه أكد له أن الأمن الفلسطيني لم يعد يعلم عنه شيئا، وأنه أطلق سراحه.
لكن عام 2001 كتبت الصحف الإسرائيلية عنه أنه حقق أول اتفاق علني بين فلسطين وإسرائيل، وأن هناك صفقة أبرمت بين الطرفين أطلق على إثرها سراحه، إلا أنه عقب ظهوره نفى ذلك، وقال إنه «هرب» من خاطفيه.
