علي الصراف يكتب: المشهد الفلسطيني المقبل

علي الصراف

حاول الرئيس محمود عباس أن يهرب من الاستحقاق الانتخابي، ولكنه فشل. جرب من قبل أن يلتف على حقوق شعبه بالتغاضي عن مبدأ الانتخاب، لنحو 15 عاما، وعاد الى النقطة ذاتها. لم يقتنع، فتقدم بالتفاف أخير. رأى الهزيمة ماثلة، فاتخذ من القدس ستارا ليهرب من المواجهة. ولكنه لم يجد المفرَ فسيحا.

الانتقادات الدولية تحاصره ليس بأقل مما تفعل التظاهرات التي عارضت قراره بتأجيل الانتخابات. والمطالب تتركز الآن على تحديد موعد جديد. بمعنى أن محاولة الهروب وجدت نفسها أمام الحائط، والمفر لم يوفر مفرا على الإطلاق. وما كان يخشاه من الهزيمة، قد يأتي مضاعفا عندما يعود الناخبون الى صناديق الاقتراع.

أقصى ما يتمناه الرئيس عباس الآن هو أن تمنحه إسرائيل نصرا معنويا، فتوافق على إجراء الانتخابات في القدس الشرقية. إلا أن هذا النصر قد لا يأتي. فما تكرهه إسرائيل في القوائم الانتخابية الأخرى، تكرهه في قائمة فتح الرسمية أيضا. فالفلسطيني يظل عدوا في نهاية المطاف، حتى إذا تراخى ولان.

“تأجيل” من دون تحديد موعد بديل، كان يعني “إلغاءً”. ولم يكن ذلك إلا “نص مصيبة”. النصف الآخر، هو أن التأجيل من دون موعد بديل كان يعني رفع الضغط عن إسرائيل، حتى تبرد القصة، وينسى الفلسطينيون أنهم كانوا على موعد لتجديد شرعية مؤسساتهم وإعادة بنائها.

سُكّر التحلية، صار مُرّا هو الآخر. عرض الرئيس عباس تشكيل “حكومة وحدة وطنية”، ليتخذ منها غطاء للمزيد من الهرب، إلا أن أحدا لم يقبل العرض، لأن غاياته مكشوفة، ولأنه ما من قائمة انتخابية إلا وتعرف أنها ستعود لتواجه الناخبين يوما ما. وما من أحد يرغب بأن يعود الى صناديق الاقتراع بمخادعات لا تعني شيئا أكثر من بقاء الرئيس في منصبه.

الانقلابات تحصل عادة من جانب معارضات تريد أن تستولي على السلطة. ونادرا ما سجل التاريخ انقلابا يقوم به رئيس ضد شعبه. وحيث أن الرئيس عباس انتهى الى “انقلاب فاشل”، لأن شبح الانتخابات سيظل ماثلا على رأسه، فإن المسار العقلاني الوحيد الباقي، لحفظ الكرامة على الأقل، هو الاستقالة. سوى أن طبع العناد المعروف عنه لن يفعل غير أن يزيد الطين بلة.

المشكلة ليست هنا. فهذا الجانب يظل شخصيا الى أبعد الحدود. فإذا كان الرئيس عباس لا يريد من دنياه إلا أن يبقى رئيسا الى أبد الآبدين، فمن المؤسف أنه اختار السبل الخطأ باستمرار.

المشكلة الأهم هي أنه أقام رئاسته على مؤسسات لم يثبت أنها جديرة بأن تكون مؤسسات دولة. العشوائية والفردية والعشائرية الفصائلية والمحسوبيات والفساد وتجارة الشعارات الفارغة انتهت الى أن جعلت السلطة الفلسطينية عاجزة، منها ومن نفسها، عن أن تكون كيانا ذا قيمة اعتبارية جديرة بالاحترام.

جهات الضغط الدولية التي طالبت الرئيس عباس بتحديد موعد جديد للانتخابات ركزت على فكرة جامعة تقول إن “بناء مؤسسات ديمقراطية قوية وخاضعة للمساءلة في الأراضي الفلسطينية أمر بالغ الأهمية لمستقبل حل الدولتين”.

فإذا كانت سلطة الرئيس عباس فشلت في هذا الرهان، فإن هذا هو التحدي الذي يواجه القوائم التي سوف تتصدر المشهد الفلسطيني المقبل.

قد ينتهي الأمر الى بناء تحالفات. وهو أمر طبيعي في منافسة تخوضها 36 قائمة. لن يظهر فائز مطلق. ولكن إعادة بناء مؤسسات السلطة الفلسطينية على أسس احترام سيادة القانون والتخلي عن العشائرية السياسية وإقامة دولة قيم ومعايير دستورية رفيعة، هو المدخل الوحيد الذي يمكنه أن يوفر الأساس للمضي قدما في مسار سلام قائم على حل الدولتين.

فإذا كانت القدس عزيزة الى ذلك الحد، فإن استعادتها بمعايير دولة القيم تصبح ممكنة إذا ما تخلى أطراف العملية الديمقراطية عن التصرف كطغاة، يسعى كل منهم أن يُملي رأيه دون سواه.

الدول الجديرة بالاحترام لا تقوم على هذا الأساس. والحقوق المغتصبة لا تُسترد بنماذج لا ترقى الى المستوى الأخلاقي والإنساني الرفيع.

قد يكون بناء دول هزيلة ممكنا في أي مكان آخر. ولكن ليس بالنسبة للفلسطينيين. ليس في مواجهة كيان مثل إسرائيل. ولا في خضم صراع وجود كالصراع القائم.

لقد فشل الرئيس عباس في هذه المهمة. ولفّ حول نفسه السبع لفات، إلا أنه انتهى بأن خبط الحيط مع شعبه ومع الخارج ومع الطغيان.

لا يحتاج الذين سيرثون مكانته، أن يكرروا الفشل. ولا أن يلفّوا السبع لفات. مؤسسات ديمقراطية، يعني مؤسسات ديمقراطية. دولة قانون وحريات خاضعة للمساءلة، يعني دولة قانون وحريات خاضعة للمساءلة. نقطة رأس السطر.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]