أيمن سمير يكتب: الحرب الباردة الجديدة

د.أيمن سمير

رغم التفاؤل الكبير بتحسن العلاقات الأمريكية الروسية بعد تمديد الطرفين لاتفاقية “ستارت 3” لمدة خمس سنوات، إلا أن وصف الرئيس الأمريكي جو بايدن لنظيره الروسي فلاديمير بوتن بـ “القاتل الذي لا يرحم” فجر غضباً روسياً غير مسبوق ضد الإدارة الأمريكية الجديدة وسط حديث في واشنطن عن فرض عقوبات جديدة على شخصيات قريبة من الكرملين، اتهمتها المخابرات الأمريكية بأنها تدخلت في الانتخابات الأمريكية لصالح الرئيس المهزوم دونالد ترامب، هذا التوتر بين واشنطن وموسكو يؤشر على بدء مرحلة جديدة عنوانها الصراع وتبادل اللكمات، فما هي أوراق واشنطن للضغط على موسكو؟ وهل يجب على بايدن أن يعمل حسابا لروسيا كما قال الرئيس بوتن؟ وماذا عن دور الصين وأوروبا في هذا الصراع؟

 تعلم الأخطاء

أحد الثوابت في السياسة الخارجية الأمريكية هي نظرية “تعلم الدروس” بمعنى أن الولايات المتحدة قد تقع في الأخطاء، لكنها لا يجب أن تكرر الأخطاء مرة ثانية، فعندما أخطأ الرئيس جورج بوش الابن وأرسل آلاف الجنود لأفغانستان والعراق لم يكرر من خلفوه هذا الخطأ، لكن يبدو أن إدارة بايدن تكرر نفس الخطأ الذي وقعت فيه إدارة ترامب عندما وضعت روسيا والصين في سلة واحدة للأعداء، ولهذا كان على ترامب أن يواجه روسيا والصين معاً، وهذا الخطأ الكبير اعترف به الكثيرون من إدارة ترامب نفسها، واليوم يشكل هذا التصعيد الأمريكي ضد روسيا هدية مجانية للصين التي تمثل التحدي الأكبر للولايات المتحدة، ويغامر الرئيس بايدن بدفع روسيا لتسير على السيناريو الكندي وتتحول لرديف للصين، على غرار التبعية الكندية للولايات المتحدة، وهذا سيشكل تحولا كبيرا ضد الولايات المتحدة، وسينذر بتحول كتلة العالم الجيوسياسية من الغرب للشرق، فروسيا التي تمتلك 6600 قنبلة نووية والصين التي تحتل ترتيب الاقتصاد الثاني عالمياً يمكن أن يشكلا التحدي الأكبر أمام “العودة الأمريكية” التي يأمل فيها الرئيس بايدن.

وإذا كانت العقوبات واستغلال ملف حقوق الإنسان أوراق واشنطن الواضحة ضد موسكو، فما هي الخيارات التي تستطيع من خلالها روسيا عض أصابع البيت الأبيض؟

أولاً: تتحكم روسيا بشكل كامل في دول بحر البلطيق الثلاث وهي ليتوانيا واستونيا ولاتفيا، وتستطيع أن تهدد أمن تلك الدول وغيرها في شرق أوروبا مثل بولندا ورومانيا وبلغاريا، وذلك بشهادة الجنرال تود وولترز، قائد القيادة الأوروبية للقوات المسلحة الأمريكية وقائد قوات حلف شمال الأطلسي “الناتو” في أوروبا.

ثانياً: تقع كل العواصم الأوروبية الكبرى مثل برلين وباريس وروما في مرمى الصواريخ النووية الروسية كما قالت الولايات المتحدة في 19 أغسطس عام 2019 عندما انسحبت من اتفاقية “أي إن إف”، لأن روسيا بات لديها صاروخ “أس أس سي 8” الذي يتجاوز مداه المدى المتفق عليه بين الاتحاد السوفيتي السابق والولايات المتحدة في عام 1987، وأجبر هذا الأمر الولايات المتحدة على نشر 150 قنبلة نووية من طراز “بي 62” على الأراضي الأوروبية وسط مخاوف من اندلاع ما أسماه الناتو  بالحرب الخاطفة بين روسيا والناتو، وتشير تقديرات الناتو إلى أن روسيا يمكنها أن تسيطر على شرق أوروبا ومنع قوات الأطلسي من الوصول للبحر الأسود في غضون 10 ساعات، وهو تحد كبير للرئيس بايدن تؤكد كل المعطيات أن الولايات المتحدة وحلفاءها الأطلنطيين يحتاجون 4 سنوات للتغلب على هذه المعضلة الإستراتيجية

ثالثاً: ليست الدول الأوروبية والولايات المتحدة على قلب رجل واحد فيما يتعلق بروسيا، فرغم اتفاق واشنطن والأوربيين حول دعم المعارض الروسي أليكسي نافالني، وقضايا حقوق الإنسان في روسيا إلا أن هناك خلافا عريضا بين الطرفين حول نمط العلاقة مع روسيا، فالرئيس الفرنسي يريد التعاون مع موسكو وليس الصراع معها، ووصفها بأنها “أوربية بامتياز”، وتخشى باريس من أن الضغط على روسيا قد يدفعها للقيام بعمليات بعيده عن الروح الأوروبية كما وصفها الإليزيه، وفي الجوار الألماني ترفض المستشارة أنجيلا ميركل الموقف الأمريكي، وتصر على التعاون مع روسيا خاصة في مجال نقل الغاز الروسي إلى قلب أوروبا، حيث ترفض ألمانيا العقوبات الأمريكية على خط الغاز الروسي القادم لوسط أوروبا أسفل بحر البلطيق، والذي يسمى “نورد ستريم 2”.

رابعاً: ترفض الأحزاب الأوروبية فكرة الصراع مع روسيا، وهناك أكثر من 400 برلماني في البرلمان الأوربي أكدوا أن التعاون مع روسيا أفضل من الصراع معها، كما أن هناك زعماء أوربيين يرفضون نمط الصراع الأمريكي مع موسكو، ومن أمثال هؤلاء مارين لوبن زعيمة التجمع الوطني الفرنسي، وماثيو سالفيني رئيس حركة “النجوم الخمس” الإيطالية وغيرهم.

خامسا: زاد النفوذ الروسي بالتعاون مع الصين في أمريكا اللاتينية خلال العشر سنوات الماضية، وأصبحت دول مثل فنزويلا وكوبا تمثل عبءًا كبيراعلى واشنطن في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية.

المؤكد أن العلاقة بين واشنطن وموسكو ستكون مختلفة عما كانت عليه في عهد ترامب، لكن السؤال الأهم: هل نحن بصدد “حرب باردة” جديدة بين الشرق والغرب؟.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]