إميل أمين يكتب: إدارة بايدن والاتفاقيات الإبراهيمية

إميل أمين

 أحد أهم الأسئلة التي خلفها إخفاق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في البقاء في البيت الأبيض لأربع سنوات أخرى، كان ولايزال ذاك الموصول بمآلات الاتفاقيات الإبراهيمية، تلك التي أعتبر ترامب عرابها في الأشهر الأخيرة من إدارته اليتيمة.

ومع وصول جوزيف بايدن إلى البيت الأبيض، بدأت الأسئلة تتصاعد حول مدى اهتمام الرجل بتلك الاتفاقيات، وبخاصة مع مواقفه المختلفة عن مواقف سابقه تجاه القضية الفلسطينية.

لطالما كان بايدن صديقا صدوقا لإسرائيل، داعما لأمنها وأمانها، وإن كانت مواقفه تجاه القضية الفلسطينية لا تطمئن الحكومات الإسرائيلية كثيرا، ذلك أنه يؤمن بحل الدولتين، بمعنى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، وقد بدا واضحا وبشكل مبكر، أن مسألة الاستمرار في بناء المستوطنات أمر لن يلقى قبولا من جانب إدارته، رغم أن التصريحات التي صدرت عن وزير خارجيته بلينكن تجزم بأن الاعتراف بالقدس كعاصمة موحدة لإسرائيل لن يتغير، وإبقاء السفارة الأمريكية في القدس لن يطاله أي تغيير.

على أن هناك إشكالية تواجه الرئيس بايدن اليوم في منطقة الجناح التقدمي في الحزب الديمقراطي، والذي ينتقد الاتفاقيات الإبراهيمية، ويسعى في الوقت نفسه إلى إبعاد واشنطن عن حلفائها التقليديين في المنطقة.

وجهة نظر الجناح الديمقراطي الذي يميل إلى اليسار، ترى أن تلك الاتفاقيات تمكن أنظمة الشرق الأوسط من البقاء طويلا في أماكنها، الأمر الذي يتعارض وجوهر العملية الديمقراطية في تقديرهم، ومحورها تبادل مواقع القيادة، ومراكز السلطة.

لا يوفر هذا الفريق الديمقراطي نقد إسرائيل، إذ يعتبر أن خطوات التطبيع مع العالم العربي، تقلل من قدرات الولايات المتحدة الأمريكية على الضغط على إسرائيل، وبالتالي تقليص فرص تقديمها تنازلات تسمح لاحقا بإقامة الدولة الفلسطينية  المستقلة، وهو أمر يفضله دعاة اليسار الأمريكي بنوع خاص.

ولعل في المشهد الأمريكي جانب آخر لا يبدو ظاهرا بما يكفي،  وهو الخاص بمطالبات عدد من كبار أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي على نحو خاص بمراجعة اتفاقيات بيع أسلحة متقدمة لعدد من دول المنطقة، وهي التي تم تجميدها بالفعل، وإن كان الأمر هنا إجرائيا، وهو عادة ما يحدث في الفترات الانتقالية بين تسليم وتسلم رئاسة جديدة، وحكما سوف يمضي من جديد إلى الأمام، فما من أحد داخل واشنطن قادر على الوقوف في وجه المجمع الصناعي العسكري الأمريكي، والذي يعتبر الأداة الفاعلة الحقيقية في العمق الأمريكي.

هل يمكن لمثل هذه الاعتراضات أن تشكل خطرا حقيقيا على الاتفاقيات الإبراهيمية، ما تم عقده منها بالفعل، وما هو مرجح أن يطفو على  السطح، وقد استمعنا في الأيام الأخيرة عن التخطيط لتوقيع سلام رسمي بين إسرائيل والسودان، خلال ثلاثة أشهر، أي بعد إعطاء بايدن فرصة لترتيب أوراقه الأولية، وتصفيف احتياجاته الأولية؟.

الجواب يأخذنا إلى سبعة عقود خلت، أي منذ ولادة دولة إسرائيل، فقد عملت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على إدماج إسرائيل بصورة أو بأخرى، طوعا أو قسرا، في المنظومة الإقليمية لدول الشرق الأوسط، ولا نزال كلنا نتذكر ما روجته واشنطن في تسعينات القرن المنصرم، بشأن ما عرف وقتها  بالشرق الأوسط الكبير، والذي لم يكن سوى وسيلة لجعل إسرائيل جزءًا لا يتجزأ من تفاعلات المنطقة، ولم يقدر في كل الأحوال لهذا الطرح النجاح بحال من الأحوال.

في هذا السياق يتذكر المرء بعض الأبجديات التقليدية لسياسة الرؤساء الأمريكيين، وفي المقدمة منها أن لكل رئيس أمريكي عادة حربه التي يظهر فيها  فحولته، وإن لم يجدها يصنعها، وحال انعدام أفق الحرب، والتي هي وسيلة بشكل أو بآخر لبلوغ السلام، فإنه يسعى إلى الهدف الاستراتيجي من خلال الالتفاف حول التضاريس، ومن ثم الوصول مباشرة إلى كتابه إسمه في سجل القياصرة الأمريكيين.

حلم ترامب بأنه سوف يجلب السلام لإسرائيل، وأنه سيقود شعوب المنطقة إلى حل للقضية الفلسطينية، وترددت الأقاويل حول ما أطلق عليه “صفقة القرن”، غير أن الحظ لم يوف له، وقد يكون ذلك من حسن طالع  القضية الفلسطينية، فقد وجه لها  سهاما نافذة أصابت سويداء القلب الوطني الفلسطيني والعربي والإسلامي، وبخاصة حينما اعترف بأن القدس عاصمة موحدة أبدية لإسرائيل، وقام بما عجز رؤساء أمريكا  منذ عقود عن فعله، أي بناء سفارة لبلاده في مدينة مقدسة تقع تحت دائرة الأراضي المحتلة، والتي لا يتوجب على المحتل تغيير صفتها  الجغرافية أو حضورها الديموغرافي.

يبدو بايدن أمام فرصة تاريخية لدخول التاريخ من أوسع أبوابه، وبخاصة إذا قدر له البناء ومراكمة النجاحات على الاتفاقيات الإبراهيمية السابقة، وجعلها موطئ قدم ومنطلقا لبلوغ السلام الذي طال انتظاره، ليشهد الشرق الأوسط أكبر وأعظم حقبة سلام منذ ثلاثينات القرن الماضي وحتى الساعة.

لماذا نقطع بأن بايدن سوف يكمل مسيرة ترامب على خلاف العديد من الأوامر التنفيذية التي اتخذها ضد توجهات ترامب وقراراته من قبل؟.

باختصار غير مخل، واشنطن في هذا التوقيت المثير، في حاجة إلى تعزيز تحالفاتها في الخليج العربي والشرق الأوسط، وبنوع خاص في مواجهة إيران، وما باتت تمثله من تهديد خطير لأمن العالم والمنطقة، ناهيك عن العزف على  متناقضات السياسة الدولية، والمكايدة السياسية لواشنطن، عبر تعزيز العلاقات ما بين طهران من جانب، وبكين وموسكو من جانب آخر.

تبدو الاتفاقيات الإبراهيمية للبعض بمثابة خطوة إلى الخلف في طريق يسارع الخطى لدعم الحقوق الشرعية للشعب الفلسطيني، هؤلاء يمتلكون أصواتا زاعقة، ويرفعون رايات فاقعة، غير أن الحقيقة في تقدير كاتب هذه السطور ليست كذلك بالمرة، لا سيما وأن السلام عبء على إسرائيل، وهو أكثر إلتزام تخشاه في ماضيها وحاضرها ومستقبلها.

الاتفاقيات الإبراهيمية تجعل إسرائيل مطالبة باستحقاقات ترهقها، إن أرادت فتح فضاءات مع العالم العربي والإسلامي، وفي المقدمة منها التوصل إلى حل عادل وشامل وقيام دولة  فلسطينية مستقلة.

الاتفاقيات الإبراهيمية مسار تقدمي لن ينكث بايدن عن السير فيه، ويفعل حسنا إن أكمل المسيرة، ليضحى القيصر بايدن في قادم الأيام.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]