إميل أمين يكتب: حرب الطاقة ومآلات الاقتصاد العالمي

نهار الثلاثاء الماضي، اعتبر وزير الاقتصاد والمناخ الألماني، روبرت هابيك، أن القارة الأوروبية تتعرض لما أسماه “هجوم اقتصادي” وأن التبعات السلبية، لما يحدث على الأرض، يفوق ما تركه فيروس (كوفيد -19)  الشائه.

عما كان يتكلم الوزير الألماني؟

حكما عن ردات الفعل في الداخل الأوروبي ، لاسيما بعد أن قررت شركة جازبروم العالمية، عزمها  تخفيض  إمدادات الغاز إلى  المانيا  عبر خط الأنابيب بسبب تأخر الإصلاحات.

والواقع  أن الشركة الروسية  العملاقة  لم تخفض صادراتها  إلى ألمانيا فقط ، بل فعلت ذلك مع 5 دول داخل الاتحاد الأوروبي منها النمسا والتشيك وسلوفاكيا، ويأتي ذلك عقب عمليات إغلاق روسيا إمدادات الغاز إلى بولندا  وبلغاريا  والدنمارك وفنلندا وفرنسا  وهولندا  في الأسابيع الأخيرة.

يبدو السؤال الجوهري المطروح في هذا السياق :” لماذا  الإغلاق، وهل سيطول زمانه،  وما هي التأثيرات المتوقعة من جرائه لا على  أوروبا فقط، وإنما  على حال الاقتصاد العالمي، ومن غير أن نغفل المشهد الطاقوي في الداخل الروسي نفسه؟

الشاهد أنه لا يمكن الجواب من دون التوقف عند العلاقة الجذرية بين الغاز الروسي والاقتصاد الأوربي،  سيما وأن ال 27 دولة  المنضوية تحت  راية  الاتحاد الأوروبي ، تعتمد بشكل رئيس على  الغاز الروسي لتوليد الكهرباء وصناعة الطاقة  .

خذ إليك على سبيل المثال ألمانيا،  فهي تعتمد في صناعتها  وحياة شعبها  بنسبة  35% على الغاز الروسي، وألمانيا هي قاطرة أوروبا الاقتصادية، وعليه  فإن توقف إمدادات الغاز سوف تؤثر على ماكينة الصناعة والإنتاج،  وبالتالي على بقية المشهد الاقتصادي الألماني .

إيطاليا بدورها والتي تبدو كدولة صغيرة  في الداخل الأوروبي،  على الرغم من ناتجها  الإجمالي الكبير،  تعتمد على  الغاز الروسي بنسبة  40%.

لم يكن من غير المتوقع  أن لا يلجأ  القيصر بوتين إلى سلاح الطاقة،  كرد فعل على ما سيواجهه  من عقوبات أوربية وأمريكية  إذا  قرر غزو أوكرانيا، وها قد فعل كما توقع  الجميع.

تبدو أوروبا واقعة بين المطرقة والسندان، مطرقة الحياة الديمقراطية المهددة من قبل روسيا، كما يرى دعاة الليبرالية المنفلتة،  والذين لم يأخذوا  في عين الاعتبار حساسية الأمن القومي الروسي لتمدد الناتو شرقا، مع ما يمثله ذلك من جرح غائر للقومية السلافية الروسية، وبين سندان القيصر نفسه المتمثل في تدفقات الغاز التي هي شريان حياة للقارة الأوربية،  والتي أخفقت  في الماضي وحتى الساعة في إيجاد بديل سواء من الشرق الأوسط أو الخليج العربي وحتى  شمال القارة الإفريقية.

كيف ستمضي حروب الطاقة حول العالم في الشهرين القادمين، أي يوليو/تموز وأغسطس/آب ، وقبل أن تدخل  أوروبا فصلي الخريف والشتاء؟

المعروف أنه في أوقات الصيف تعمد الحكومات الأوروبية إلى تخزين ما يكفي من طاقة  لمواجهة استحقاقات الجنرال الأبيض خلال الخريف والشتاء، وفي الوقت الحالي، تمتلئ 57% من كهوف التخزين تحت الأرض في أوروبا بالغاز، ما يعني أن قرابة النصف فارغ، وهذا أمر مزعج في حد ذاته لدوران عجلة الإنتاج الأوروبي في نصف العام القادم.

من هنا يدرك المرء لماذا أوصت المفوضية الأوروبية بأن تصل نسبة الملء عند كل دولة إلى 80%بحلول الأول من نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل ، مع الإنتباه إلى  أن ألمانيا حددت أهدافا بنسبة  80% بحلول الأول من أكتوبر/تشرين الأول المقبل ، و90% بحلول الأول من نوفمبر تشرين الثاني .

هل هذه النسب قابلة فعلا  للتحقيق، أم أن هناك صعوبات كبيرة في الطريق تعترضها؟

يمكن القطع بأن المشهد مرتبط إرتباطا جذريا بتطورات المعارك على  الساحة الأوكرانية، ومآلاتها المستقبلية، والتي تبدو ضبابية حتى الساعة، وإن كانت السيناريوهات لا تخرج عن واحد من إثنين،  المزيد من الدعم الأمريكي والأوروبي لأوكرانيا،  ومن خلال تزويد الأوكرانيين بأسلحة  أكثر حداثة وأشد فتكا، وهنا  لن يكن الرد الروسي عسكريا فقط، وبنفس القدرات القتالية وأكثر، وهذا ما ألمح إليه بوتين الأسبوع الماضي، عبر إشارته إلى قدرات الصاروخ الجهنمي الجديد، سارمات،  بل ستتزايد حدة الهجوم الاقتصادي الذي تحدث عنه  الوزير الألماني،  إذ سيتحول المشهد من تخفيض في تدفقات النفط إلى قطع كامل، وهنا ستكون الطامة الاقتصادية الأوروبية الكبرى .

في هذا  الإطار ، يؤكد المحللون في مركز ” بروغل ” للأبحاث في العاصمة البلجيكية بروكسل، أن بلغاريا  والمجر ورومانيا لن تحقق هدف الاتحاد الأوروبي  البالغ 80%   إذا  استمرت هذه الدول بالسرعة الحالية، بينما ستجد ألمانيا والنمسا وسلوفاكيا صعوبة كبيرة في ملء مرافق التخزين الخاصة بها إذا توقف تدفق الغاز من روسيا، وفق جمهور المحللين.

ماذا عن الولايات المتحدة الأمريكية وجدلية العلاقة بين الطاقة وأحوالها الاقتصادية؟

يحتاج الطرح المتقدم إلى قراءة قائمة بذاتها، لكن لا بأس من الإشارة إلى أن القرار الأمريكي الخاص بوقف استيراد النفط الروسي، قد حمل الإقتصاد في الداخل أحمالا كبيرة وثقيلة، انعكست في إرتفاع أسعار المحروقات بشكل هائل، ودفعت في طريق المزيد من الركود والتضخم، وحيث لا يبدو أن رفع أسعار الفائدة أمر صالح لاستنقاذ الأمريكيين من وهدة الهوة الاقتصادية  القادمة.

عطفا على ذلك، فإن مراكز مراقبة الطقس، تجزم بأن إرتفاع درجة حرارة المحيطات، سوف تدخل أمريكا في دائرة  قاتلة من الأعاصير خلال الصيف الحالي ، الأمر  الذي سيصيب ولاشك مصافي الطاقة  بخسائر جمة  ، ما يدخل الجميع  مرة أخرى  في أزمة إقتصادية مضاعفة .

وما بين أوربا وأمريكا ، تطفو على  السطح ، عودة غير محمودة  لإستخدمات الفحم ، ما يعني أن كافة جهود قمم إنقاذ الأرض من تغيرات المناخ سوف تذهب هباء منثورا  كما   يقال .

هل من حل عقلاني لمصير العالم الاقتصادي المظلم؟

باختصار غير مخل،  وقف إطلاق النار أول الأمر ، وبلورة رؤية تفاوضية  واقعية  حقيقية ،  ومن غير أجندات خفية لأي من الطرفين ، والإ فإن الجميع خاسر لا محالة ، وربما يكون الهول الأعظم لم يأت بعد.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]