د. أيمن سمير يكتب: أمريكا و”الخوف الأحمر”

د.أيمن سمير

اتهم زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ الأمريكي ميتش ماكونيل البيت الأبيض والإدارة الديمقراطية بالتحول الكامل نحو “اليسار المتشدد” ليس فقط لأن الرئيس بايدن يرفض النقاش والتحاور مع الجمهوريين، بل لأن كل سياسات الحزب الديمقراطي باتت تتجه نحو النهج الاشتراكي الشيوعي الذي كان سائدًا في عهد الاتحاد السوفييتي السابق، ويرجع الجمهوريون هذا الأمر إلى سيطرة الشيوعيين على القرار في الحزب الديمقراطي، فالقيادات الكبيرة والنافذة على رأس السلطة في الحزب الحاكم والبيت الأبيض ومجلسي النواب والشيوخ يميلون للأفكار الاشتراكية التي سادت في دول انتهجت الاشتراكية بشكل كامل، وليست تلك الدول التي اتخذت نهج الاشتراكية الاجتماعية كما هو الحال في الحزب الاجتماعي الاشتراكي الألماني، أو السياسات الاشتراكية التي تطبقها بعض الدول الاسكندنافيه مثل النرويج والسويد وفنلندا، ومن أمثال السياسيين الديمقراطيين الذين يتبنون التوجهات الاشتراكية بيرني ساندرز الذي كان مرشحًا لمنصب الرئاسة في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، ومعروف عن ساندرز إعجابه بالزعيم السوفييتي ستالين، كما أمضى شهر العسل في الاتحاد السوفييتي، وكان على علاقة قوية بالزعيم الكوبي فيدل كاسترو، نفس التوجهات تتبناها زميلته في مجلس الشيوخ إليزابيث وارن، وهي عضو بارز في الحزب الديمقراطي، وكانت مرشحة للانتخابات الرئاسية، وجرى الحديث عن تعيينها في منصب نائب الرئيس قبل اختيار كامالا هاريس، وتنتمي وارين لأقصى يسار الحزب الديمقراطي، بالإضافة إلى شخصيات أخرى في الكونجرس أمثال نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب، وآدم شيف رئيس لجنة المخابرات بمجلس النواب، أما الإدارة الأمريكية فيغلب عليها الطابع الاشتراكي من أمثال روبرت مالي مبعوث الرئيس بايدن لإيران، وهو شيوعي من عائلة شيوعية خالصة جاءت من  أصول مصرية وهاجرت في الستينات من القرن الماضي إلى فرنسا ثم إلى أمريكا.

جذور الشيوعية الأمريكية

منذ تأسيس الولايات المتحدة كانت الشيوعية حاضرة في المجتمع الأمريكي، وكانت تظهر بشكل قوي خلال الأزمات مثل الركود الاقتصادي في الثلاثينات، والأزمة الاقتصادية في عام 2008، وحركة “احتلوا وول ستريت” والصراع الذي اندلع عقب مقتل جورج فلويد، وشهدت الولايات المتحدة ظهور الأحزاب الشيوعية بشكل قوي بعد الحرب الأهلية الأمريكية التي انتهت عام 1865 عندما ظهرت أحزاب مثل حزب “العمال الاشتراكي الأمريكي” الذي تأسس في 1877 ثم الحزب “الاشتراكي الأمريكي” عام  1901 و”الحزب الشيوعي الأمريكي” الذي تأسس في  1919، وبعد وصول الشيوعيين البلاشفة للحكم في الاتحاد السوفييتي تخوف الأمريكيون من خطرهم على الولايات المتحدة، خاصة أن ظهور الشيوعية في الولايات المتحدة ارتبط بالفوضى والتخريب، وأطلق على تلك المرحلة “الخوف الأحمر” والتي امتدت ما بين 1917-1920.

وينظر الجمهوريون ورجال الأعمال بقلق شديد تجاه الخطوات التي يقوم بها الديمقراطيون، ويعتقدون أنها ستدمر الولايات المتحدة لأنها ستضعف التنافسية الأمريكية وتعيد “ثقافة الكسل” عن طريق توزيع الأموال على العائلات الأمريكية للحصول على أصواتهم في انتخابات التجديد النصفي عام 2022، و يخشى الكثيرون في الولايات المتحدة أن تؤدي السياسات الاشتراكية والتقدمية للحزب الديمقراطي الأمريكي إلى تراجع الاقتصاد الأمريكي وظهور مشاكل اجتماعية قد تؤدي في النهاية إلى أن تعاني الولايات المتحدة من مشاكل تشبه الإخفاقات التي تعاني منها دول أمريكا اللاتينية المجاورة للأراضي الأمريكية، ومنها:

أولاً: يشكك الكثيرون من الأمريكيين في نجاح خطة الإنفاق الجديدة التي مررتها الإدارة الديمقراطية بإنفاق 1.9 تريليون دولار، فالمشككون يعتقدون أن هناك دوافع سياسية وشعبوية وراء هذه الخطة، وأن عائدها محدود للغاية على الاقتصاد الأمريكي، وأن إدارة بايدن توزع هذه الأموال على الأمريكيين ليس لتوفير الغذاء كما قالت كمالا هاريس للأمريكيين، بل لكسب الشعبية في الـ 100 يوم الأولى للرئيس بايدن بعد تأكد الأمريكيين أن الوصول للقاح وخطط التعافي الاقتصادية التي قامت بها الإدارة السابقة هي التي ساعدت على بدء التحسن للاقتصاد الأمريكي في الربع الأول من عام 2021.

ثانياً: يتعرض قطاع الطاقة الأمريكي لأكبر ضربة في تاريخه، فالرئيس بايدن أوقف كل مشروعات الطاقة العملاقة الخاصة بالنفط والغاز، ووضع خطة لإنفاق 1.7 تريليون دولار تتعلق بمشروعات الطاقة النظيفة، ويخشى قطاع كبير من الأمريكيين من أن يؤدي الاستعجال في إغلاق ومنع مشروعات النفط والغاز قبل وجود عائد حقيقي من مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة إلى خسارة آلاف الوظائف وتراجع الدور الأمريكي في سوق الطاقة العالمية بعد أن تحولت الولايات المتحدة لأول مرة إلى دولة مصدرة للطاقة عام 2016، وفي عام 2018 تحولت إلى مصدر صاف للنفط.

ثالثاً: يستعد الرئيس بايدن لفرض ضرائب جديدة ومرتفعة جداً على الشركات، وهو ما يهدد بفقدان الوظائف، ويختلف هذا الأمر عن رؤية الجمهوريين التي تدعو لدعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وخلق وظائف جديدة وجيدة للأمريكيين.

رابعاً: يعاقب اليسار الأمريكي الولايات الصناعية التي أيدت ترامب والجمهوريين في انتخابات عامي 2016 و2020، وهي التي يطلق عليها “ولايات الصدأ”، ويزداد عقاب هذه الولايات، وهي الولايات الصناعية الأمريكية، بعودة إدارة بايدن الى اتفاقيات التجارة الحرة مع عدد من الدول الآسيوية “اتفاقية التجارة عبر المحيط الهادئ” ويرى هؤلاء عودة بايدن لهذه الاتفاقيات بمثابة إعلان إفلاس لهذه المصانع.

خامسا: يتسارع القلق لدى قطاع واسع من الجمهوريين نتيجة إصرار الجناح التقدمي اليساري في الحزب الديمقراطي على تصدير الثورات الملونة للخارج، فالمشروع السياسي لليسار الأمريكي يعتمد على دعم الأقليات في العالم لتكون بمثابة مخلب إستراتيجي للتدخل في الشئون الداخلية للدول الأخرى، وهو ما يهدد بفقدان الولايات المتحدة لحلفائها في العالم، لأن هذا الدعم ليس من أجل الأقليات،  بل من أجل توظيف الأقليات الدينية والعرقية في العالم لتكون قاعدة متقدمة للتدخل الأمريكي.

المؤكد أن تيار الوسط خسر تماماً في الحزب الديمقراطي لصالح التيار التقدمي الشيوعي، وهو ما أعاد من جديد القلق تجاه هذه السياسة التي تذكر الأمريكيين بما كان يسمى “بالخوف الأحمر”.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]