تصف الدوائر السياسية في بيروت، قانون الانتخابات البرلمانية المعروف بـ«قانون الستين» بأنه قنبلة موقوتة داخل الشارع السياسي اللبناني، إذا لم تتوافق الأطراف والقوى السياسية على تخريج قانون جديد، يعالج الهواجس التي تضرب الكتل المسيحية والسنية، التي تخشى العودة لقانون النسبية، وإعادة توزيع الدوائر الانتخابية.
ويرى رئيس الجمهورية السابق، ميشال سليمان، أنه من المعيب جدًا ألا نستطيع إنجاز قانون انتخاب للمرة الأولى من دون وصاية خارجية، فالفشل يحمل مخاطر جمة؛ إذ أن البرلمان الجديد هو من سينتخب رئيس الجمهورية الجديد في العام المقبل، والفراغ قد يجعل من لبنان دولة فاشلة مع الآثار المترتبة على اقتصاده واستقلاله واستقراره، وفي نهاية الأمر، لا يمكن لأحد أن يلغي أحدًا في لبنان بمعزل عن نتيجة الانتخابات؛ فالبلد محكوم بمعادلة لا غالب ولا مغلوب، حيث لا يمكن تطبيق الديمقراطية العددية بسبب العصبيات الطائفية والمذهبية. ما يعني أن نتائج الانتخابات ربما تساوي، هذه المرة أيضًا، بين الغالب والخاسر فيها من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية، كما حصل في السنوات الماضية.
ومن جانبه حذر رئيس المجلس النيابي اللبناني، نبيه بري من «غضبة الشارع في حال لم يتم التوصل إلى قانون جديد للانتخاب وبقي قانون الستين الذي لا يؤمّن تطلعات اللبنانيين في التمثيل الصحيح»، مجدداً تأكيده «إجراء الانتخابات النيابية والرفض المطلق للتمديد تحت أي ذريعة». وقال بري : «عرضت النقاط والخلافات التي تواجهنا في بحث قانون الانتخاب المختلط في اللجان، وقناعاتي بطريقة الحل في بعض النقاط، لأن هذا القانون الحل الوحيد حالياً لأنه يجمع ما بين رغبة جميع الأطراف، فبعضها يريد قانوناً على أساس النظام النسبي والبعض الآخر يريده على أساس الأكثري، وبالتالي يكون هو الحل الوسط».
ونقلت مصادر نيابية عن بري، أن «طاولة الحوار ستناقش اقتراحات القوانين المختلطة إضافة إلى مشروع حكومة الرئيس نجيب ميقاتي القائم على تقسيم لبنان إلى 13 دائرة على أساس النسبية، وسيستطلع مواقف الفرقاء منه».
وداخل المشهد اللبناني، بقي الهاجس الأساسي للجان التوافق على قانون يؤمن صحة التمثيل المسيحي في البرلمان، وإذا كانت لدى المسيحيين هواجس، فإن للدروز والسنة هواجس أيضا، مما يفرض ضرورة توفير الحلول لمعالجة الهواجس أولا، وأن الحل هو بيد القيادات السياسية المشاركة في الحوار الوطني الموسع برعاية الرئيس بري، لأنها صاحبة القرار، وفي وسع هذه القيادات طرحها على الطاولة أو الاستعاضة عنها بمداولات ثنائية أو موسعة، بعد أن وصلت اللجان في اجتماعاتها الى طريق مسدود ولن يأتي الفرج إلا من طاولة الحوار.
وقانون الستين الذي تعقد الانتخابات النيابيّة على أساسه، صدر عام 1960 ورفع عدد النواب من ٦٦ إلى ٩٩ نائباً، ٥٤ منهم للمسيحيين و٤٥ للمسلمين، على أساس قاعدة «مضاعف العدد ١١»، أي ٦ مسيحيين + ٥ مسلمين.
وقسّم قانون الستين لبنان إلى دوائر انتخابية على أساس القضاء لا المحافظة، باستثناء حالات عدة دُمِج فيها قضاءان معاً: دمج ٦ أقضية في ثلاث دوائر انتخابية: حاصبيا ومرجعيون، البقاع الغربي وراشيا، بعلبك والهرمل. كما قسّم القانون بيروت إلى ثلاث دوائر انتخابية: الشرقية الأشرفية ـ الصيفي وهي تضم أكثرية مسيحية.. ,الغربية المصيطبة ـ المزرعة ـ رأس بيروت وهي تضم أكثرية مسلمة.. وثالثة زقاق البلاط ـ المرفأ ـ المريسة وتضم عدداً متساوياً من المسيحيين والمسلمين والأقليات.
القضية الأزمة في لبنان، لا تتعلق فقط بانتخاب رئيس للجمهورية، بل أيضاً باختلاف الأحزاب على ماهية القانون الذي ستتم على أساسه الانتخابات النيابية، و يرى رئيس تيار المردة سليمان فرنجية، أن معركة قانون الانتخابات تنجز عند تحقيق قانون انتخابي منصف بحق المسيحيين، مشيراً إلى نقطة خلاف كبرى، حيث لا توافق يجمع بين التيار الوطني الحر وتيار المردة والقوات اللبنانية والكتائب اللبنانيةعلى قانون انتخابي واحد يقوي المسيحيين، مؤكداً أن القوات والمستقبل والحزب الاشتراكي متوافقون على قانون انتخابي واحد، وبالتالي إذا اجتمعوا للتصويت فسيتم التوصل إلى قانون انتخابي على مقاس فريق سياسي وليس على قياس لبنان كله.
أما التيار الوطني الحر فيطالب بقانون نسبي، لعل و عسى أن يزيد من حصته في البرلمان.
وذلك ما يعارضه بشدة حزب القوات اللبنانية فذلك يشكل خطرا على تمثيلهم النيابي بما أن القوات هو الحزب الوحيد اليوم الممثل في المجلس النيابي بأقل من قدرته السياسية والتمثيلية الحقيقية، كما يرفض طرح عون رفضا قاطعا ألا و هو النسبية مع 15 دائرة انتخابية، إذا تم اعتماد قانون النسبية ف 30% على الأقل من مقاعد النواب السنّة ستكون من حصة قوى 8 آذار، لذا لا يريد تيار المستقبل مناقشة قانون الانتخاب في هذه المرحلة، ولا النقاش حول النسبية.
والحاصل أن تيار المستقبل والاشتراكي يؤيدان قانون 1960، وكل ما يثار حول هذا الموضوع من جدل لا قيمة له، فلم يفرط كل منهما بحصصه المضمونة بحسب القانون الحالي ليرمي نفسه في المجهول.
المراقبون يؤكدون أن الرئيس بري لا يستطيع تحمل مسؤولية الدعوة إلى جلسة عامة لإقرار قانون تعتبره طائفة كبرى غير ميثاقي أو مخالفًا للطائف، ويشوبه الغموض، لذلك توجهت الأنظار صوب إحياء مشروع قانون سبق وتقدمت به لجنة برئاسة وزير الخارجية الأسبق فؤاد بطرس، يخلط ما بين النظامين النسبي والأكثري، لكن بعد إدخال تعديلات عليه لجهة عدد المقاعد المنتخبة بالنظام الأكثري، وتلك المنتخبة بالنسبي.
