فؤاد أبو حجلة يكتب: التطبيع أولا

مما نقرأ عن الأفكار الأمريكية الجديدة لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ومما نسمع من أصدقاء الولايات المتحدة في المنطقة، يبدو جليا أن المطلوب أمريكيا من الفلسطينيين والعرب والمسلمين، ليس قبول إسرائيل فقط، وليس مباركة قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتبار القدس عاصمة للكيان الاحتلالي ونقل سفارته إليها، ولكن التطبيع الكامل معها وقبول احتلالها للأرض، بل والاعتراف صراحة بخطأ مقاطعتها، ناهيك عن جرم مقاومتها عندما كانت هناك مقاومة.

التقط المطبّعون العرب إشارات العهد الأمريكي الجديد الذي دشنه دونالد ترامب، فنشطوا في ترويج دعواتهم على شاشات القنوات التلفزيونية وعلى صفحات الجرائد وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، ليصل الأمر حد التشكيك في حق الفلسطينيين بدولة مستقلة، بل الادعاء بأن “المخلوقات الفلسطينية” كانت عبر التاريخ كائنات تتنقل عبر الجغرافيا، وربما جاءت أصلا من كوكب آخر، غير الأرض!

اشتد حماس مطبعين آخرين، فرفعوا أصواتهم مطالبين حكوماتهم بطرد الفلسطينيين المقيمين في بلادهم، لأنهم “كائنات” غير مرغوب فيها، ويحول وجودها دون الانفتاح على الجار الإسرائيلي وجني المنافع من هذا الانفتاح الذي تباركه أمريكا.. ووصل الأمر حد التغني بانسانية إسرائيل وتسامحها وثقافتها العصرية، ناهيك عن تأكيد “حقها” الديني والتاريخي في القدس!

لكن هذا السعار التطبيعي ظل محدودا ومحصورا في أوساط الفئة المطبِّعة التي لا يبدو أن لها حضورا في الأوساط الشعبية أو النخب الواعية في البلاد. وما كان شيوع الهذر التطبيعي ممكنا إلا بسبب غرابته وخروجه عن النص الوطني والإنساني واستفزازه لمشاعر الملايين من العرب.

ورغم علو أصوات النكرات التطبيعية وتوفير المنابر الإعلامية لهذرها إلا أنها لم تستطع تحقيق أي حضور في الشارع العربي الذي لا يكتفي برفض دعوات التطبيع بل يسخر من أصحابها ويحتقرهم، ويخص بالسخرية بعض أصحاب الخطاب الرخو والمائع الذين يدعون أنهم فلسطينيون.

وربما كان من سوء حظ المهرولين إلى التطبيع أن حراكهم جاء بعد وقت قصير من مواقف علنية لأحرار الأمة ومنهم رئيس مجلس النواب الكويتي مرزوق الغانم الذي قدم نموذجا أصيلا للعربي الذي يقدم كرامته وكرامة شعبه وأمته على أي بروتوكول حين طرد وفد الكيان الاحتلالي من مؤتمر برلماني دولي كان يشارك فيه.

وكانت الشابة اللبنانية لينا بعلبكي قد قدمت نموذجا آخر للعربي الرافض للاعتراف بأي شرعية للكيان الاحتلالي حين أنزلت العلم الإسرائيلي من ساريته في مهرجان للشباب في مدينة سوتشي الروسية.

وكان مخجلا أن ينبري مطبعون ومهرولون لانتقاد ما قام به المرزوق وبعلبكي ووصفهما بالعدوانية!

نعود إلى التصريحات والكتابات الأخيرة التي صدرت عن نشطاء التطبيع لنشير إلى أنها تتزامن مع التوجه الأمريكي والإجراءات الأمريكية الساعية إلى فرض التطبيع على كل العرب، والتي كان آخرها إعلان ترامب المشؤوم، وإغلاق مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن لأن المنظمة لا تنخرط في مفاوضات جادة لإنهاء الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي. ولعل التصريح اللاحق للقرار كان واضحا في تبرير هذا الإجراء حين منح المنظمة مهلة زمنية لكي تتحول من منظمة للتحرير إلى منظمة للتطبيع مع العدو.

واقعيا لا يمكن الرهان على القيادة الفلسطينية الحالية في رفض كل الإملاءات الأمريكية، فهي أولا وآخرا جزء من النظام الرسمي العربي، ونعرف أن هناك ضغوطا إقليمية على هذه القيادة لتغيير ميثاق منظمة التحرير.

لكن ذلك لا يغير في الواقع شيئا لأن مفتاح التهدئة أو الاشتعال ليس في يد السلطة وأجهزتها الأمنية، بل في شارع عودنا على مفاجآته السارة. وقد أثبت الشارع الفلسطيني وحاضنته الجماهيرية في المحيط العربي، منذ القرار الأمريكي الأرعن، أنه شارع حي لم يفقد حياته أو حيويته بفعل عشرين عاما من التدجين الأوسلوي.

كان القرار الأمريكي الفج صادما للفلسطينيين والعرب، لكن رد الفعل الشعبي جاء أيضا صادما للمعسكر المعادي وأصدقائه المطبعين، وأكد أن التطبيع لن ينجح حتى لو بحت الحناجر وصدئت الخناجر.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]