بعد عدة أشهر من الخلاف المحتدم بين موسكو وأنقرة، إثر إسقاط الأخيرة مقاتلة روسية على الحدود السورية، شهدت علاقات البلدين تقاربا واضحا بعد اعتذار واضح من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أعيدت على إثره السياحة الروسية إلى تركيا والعلاقات الاقتصادية، وسط توقعات بأن يؤثر هذا التقارب أيضا على القضايا السياسية لا سيما الأزمة السورية.
وفي ظل الخلافات بين البلدين حول عدة قضايا خاصة بسوريا أبرزها موقف الرئيس السوري بشار الأسد، فإن تقارير كانت قد تناولت إمكانية تقديم كلا الطرفين تنازلات في هذا الشأن، إلا أن تلك التطورات لا يمكن أن تحدث بشكل مباشر على المستوي السياسي، حيث أن التركيز حاليا على عودة العلاقات في الجانب الاقتصادي.
وتحت عنوان «روسيا وتركيا تعيدان تقييم أدوارهما في سوريا»، قالت صحيفة فاينانشال تايمز البريطانية، أن تركيا مستعدة لاتخاذ خطوات من شأنها أن تغير مسار الحرب الأهلية في سوريا لافتة إلى أنه سيكون تسويات وتنازلات فيما يتعلق بالأكراد والثوار، فيما شدد مسؤولون على أن الأتراك لن يتخلوا بشكل كامل عن المعارضة في سوريا.
وعلى الجانب الروسي، نقلت الصحيفة عن مسؤولين روس، أن عمل موسكو في سوريا ليس مرتبطا كليا بمصير بشار الأسد، وهي النقطة الخلافية بين البلدين، حيث ترفض تركيا أي وجود للأسد في مستقبل سوريا، فيما تدعمه روسيا»، حيث أشار المسؤولون إلى أن مهام روسيا في سوريا تتركز على الحفاظ على الدولة السورية ومحاربة الإرهاب.
مواقف متقاربة
وفي تصريحات لوزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، وصف فيها الأتراك بـ «الشركاء»، قال إنه لا يوجد خلافات بين البلدين حول تصنيف الإرهابيين في سوريا، مؤكدا أن الجانب التركي يشاطر موسكو موقفها حول ضرورة انسحاب قوات المعارضة السورية من المناطق الخاضعة لسيطرة الإرهابيين.
وفي أعقاب تقارير صحفية توقعت تغير الموقف التركي من الأزمة السورية بعد التقارب مع روسيا، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن «موقفنا تجاه سوريا ثابت ولم يتغير».
الأكراد .. محور التقارب
قالت صحيفة ديلي ميل البريطانية، أنه «على الرغم من أن الروس لم يعبروا صراحة عن تغيير في سياستهم تجاه الأكراد، إلا أن ذوبان الجليد في العلاقات مع تركيا سيكون أخبارا سيئة لحزب الاتحاد الديمقراطي الكردي».
ووفق الصحيفة فإن قوات حماية الشعب، التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، حظيت بدعم عسكري من الولايات المتحدة ومن روسيا أيضا، حيث سمحت السلطات الروسية لممثلين عن «روجوفا»، وهو الاسم الذي يطلقه الأكراد على منطقة شمال سوريا، بافتتاح مكتب لهم في العاصمة الروسية موسكو.
على الجانب الآخر، بدا الأكراد أكثر ثباتا، حيث طرحوا مسودة دستور للفيدرالية الكردية، تضمن 85 مادة بينها اعتماد علم مستقل وفتح المجال لإقامة علاقات ديبلوماسية مع الخارج، واعتبار الانضمام إلى «قوات سورية الديموقراطية» واجباً على الشباب الأكراد، فيما يبدو أن الأكراد السوريون يعولون على الدعم الأمريكي الذي تمكنوا من خلاله تحقيق العديد من الانتصارات على تنظيم داعش، وعو الدعم الذي طالما تسبب في توتر العلاقات بين واشنطن وأنقرة.
