منذ منتصف مايو/آيار الماضي، تخضع مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار العراقية لسيطرة تنظيم “داعش” الذي ارتكب جرائم ونفذ عمليات إعدام ونهب متواصلة، وعلى الرغم من استراتيجية هذه المحافظة بالكامل، إلا أن الجيش العراقي فشل في التصدي لخطر توسع التنظيم فيها، حتى اليوم، الثلاثاء، الذي تمكنت فيه قواته من دخولها للمرة الأولى منذ 7 أشهر.
أهمية الرمادي
تضم الرمادي عدة مراكز عسكرية استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية وكذلك الجيش العراقي، وهو ما أدركه تنظيم “داعش” مبكرا، فحاصر في نوفمبر/تشرين الثاني 2014 قاعدة “عين الأسد” الجوية التي تضم كتائب عراقية بالإضافة إلى أسلحة أمريكية متطورة بالإضافة إلى وجود مئات من جنود مشاة البحرية الأمريكية “المارينز” في القاعدة.
في ديسمبر/كانون الأول 2011 سلمت قوة المهام الأمريكية في الأنبار قاعدة “عين الأسد” الجوية للجيش العراقي، وكانت تسمى قبل احتلال العراق “القادسية”، وتقع على بعد أقل من 300 كيلومتر من العاصمة بغداد، وقد حذرت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” من سقوط هذه القاعدة تحديدا في يد “داعش”، حيث تعتبر “مأوى جنودها” في هذه المنطقة، على حد تعبير مسؤولين.
قبيل فرض سيطرته على الرمادي استولى “داعش” في أبريل/نيسان الماضي على كافة الطرق المؤدية إلى القاعدة الأمريكية، ونقلت وسائل إعلام عربية وعالمية تقارير حول مصير الجنود المحاصرين هناك، بينما كانت القاعدة تتعرض لهجمات انتحارية وأخرى بالصواريخ، حتى أعلن الجيش الأمريكي إغلاقها مطعدةع نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
استراتيجية في المعركة ضد “داعش”
تقع الرمادي جغرافيا بين عدة مدن استراتيجية في الحرب مع التنظيم المتطرف، فهي نقطة التوسع من الموصل حيث معقله الأقوى نحو بغداد وكربلاء وتشكل الأنبار ثلث مساحة العراق حيث تعد أكبر محافظاته، إلا أن حدودها بالنسبة للتنظيم كانت من نظرة أخرى أيضا.
وتشكل محافظة الأنبار ومركزها الرمادي حدودا واسعة مع سوريا التي تعد مصدر المقاتلين الأجانب للتنظيم، وتعد أيضا خط التواصل بالنسبة له مع مناطق سورية خاضعة لسيطرته كعاصمته المزعومة الرقة وتدمر وسط سوريا أيضا.
وشهدت الرمادي نزوح عشرات الآلاف من سكانها مرتين خلال عام واحد، كانت المرة الأولى في أبريل/نيسان مع أول هجوم للتنظيم على المدينة، ثم في مايو/آيار بعدما تمكن بالفعل من السيطرة عليها، وغالبيتهم من المسلمين السنة الذين كانوا أول من أسس ميليشيات “الصحوات” لصد هجمات المتشددين على مدينتهم.
ونفذ “داعش” عشرات من عمليات الإعدام فور استيلائه على المدينة بحق الصحوات وزعمائهم وبسبب شراسة القتال ونقص السلاح والذخيرة انسحب الجيش والشرطة والصحوات منها، وأكد خبراء عسكريون أن مقاتلي التنظيم يستخدمون شبكة أنفاق تحت الأرض تمكنوا من خلالها تفادي غارات التحالف الدولي للانقضاض عليها.
